مقدمة:
شهدت المجتمعات الإنسانية، على مدى النصف الأخير من القرن العشرين، فيض نشاطات سياسية وتربوية واسعة، تسعى إلى بناء موقف تربوي جديد من التحديات الاجتماعية والثقافية المعاصرة. لقد بدا في الأفق، وتحت تأثير موجات عاصفة من التحولات الثقافية والسياسية والاجتماعية، أنه يترتب على الإنسان المعاصروالمستقبلي، أن يمتلك قدرات وخصائص جديدة، تمكنه من الاستجابة لمعطيات الجدة والتسارع والزوال على حد قول ألفين توفلر. وتأسيسا على ذلك بدأت المجتمعات الإنسانية تعيد النظر في فلسفاتها وأهدافها التربوية، لترسم سياسات وفلسفات تربوية جديدة، لبناء إنسان جديد يمتلك القدرة على احتواء ما يعصف فيه هذا الزمان من تحولات نوعية عميقة وشاملة.
وفي هذه الأجواء الحامية بدأت تظهر إلى الوجود سياسات تربوية جديدة، في نسق من الحركات الإصلاحية، التي بدأت تخط أطيافا نوعية لأهداف تربوية جديدة، تشكل منطلق فلسفات تربوية، تمتلك حس الاستجابة لاحتياجات المجتمعات الإنسانية وتطلعاتها. فالإصلاحات التربوية تنطلق بالضرورة من عملية بناء الأهداف التربوية، وذلك لأن أية محاولة للتغيير والتطوير في الأنظمة التربوية، يجب أن تتكامل مع نسق جديد ومتطور للأهداف التربوية، فالأهداف التربوية تشكل، اليوم، منطلق الفعل التربوي وغايته، والنقطة العقدية التي
تتداخل فيها تقاطعات الوجود الاجتماعي، وهي تشكل في المحصلة مكونا ثقافيا اجتماعيا حضاريا يتميز بطابع الشمول والدقة والتعقيد.
17 تعليقات