العربية وإشكالية التعريب في العالم العربي

ضع شعباً في السلاسل…. جردهم من لبسهم…. سد أفواههم، لكنهم
مازالوا أحراراً.. خذ منهم أعمالهم، وجوازات سفرهم، والموائد التي
يأكلون عليها، والأسرّة التي ينامون عليها، لكنهم مازالوا أغنياء… إن
الشعب يُفقر ويُستعبد عندما يُسلب اللسان الذي تركه له الآباء والأجداد..
وعندها سيضيع للأبد.
(الشاعر الصقلي إجنازيو بوتيتا)

 

تأخذ أوضاع اللغة العربية المعاصرة صورة إشكالية حضارية مترامية الأبعاد ضاربة الجذور في مختلف التكوينات الوجودية للحياة العربية المعاصرة، وفي تضاريس هذه الصورة الإشكالية تتجلى هذه اللغة بوصفها أرومة الإشكاليات التي تتعلق بالهوية والنهضة والتنمية والحضارة والوجود الإنساني. فاللغة ليست ملمحاً عابراً من أعراض الوجود الإنساني، أو إضافة من إضافاته، أو مظهراً من مظاهره، بل هي الوجود الإنساني في خالص جوهره، وأرقى مراتبه، وأسمى معانيه، وأبهى محاسنه، إنها الوطن الروحي للإنسان، بل هي غاية تألقه الوجداني، وأرقى تجلياته الجمالية، إنها التعبير الأعمق عن روح الأمة ووجدانها وتاريخها، إذ تتجلى في أبهى صورة من صور الوعي الروحي والجمالي للأمة، وتشكل البوتقة الرمزية لنماء العلوم والفنون في أية حضارة نشأت، أو نهضة حضارية ستكون.

وقد تأصل في الوعي الإنساني أن الحضارة لا تكون من غير لغة تعبر عن روح الأمة ووجدانها، وقد تبيّن في حكمة الحكماء وفاهمة العقلاء أن اللغة جوهر الهوية، وأن الهوية لا يمكن أن تستقيم من غير لغة تحددها، لأن الهوية ترتبط باللغة وتغتذي من نسغ عطائها؛ واللغة في نهاية الأمر هي التي تحكم سلوكنا وتحدد نمط تفكيرنا الإنساني برمته؛ ولذا لا تكون حضارة من غير لغة متطورة في تكوينها وأدائها، ولا يمكن للغة أن تسمو إلا تعبيراً عن تألق حضاري لأمة تنهض وتنطلق في عالم الحضارات الإنسانية. وانطلاقاً من هذه الحقيقة يأتي الاهتمام باللغة العربية وشؤونها وهمومها بوصفها هوية وقضية حضارية أساسية ضاربة في الوجود الإنساني العربي منذ الأزل.

فقضية اللغة هي قضية هوية ووجود وحضارة بكل ما تحمله هذه الكلمات من تدفق المعاني وفيض الدلالات، ومن هنا أيضاً يأتي الاهتمام باللغة العربية وقضاياها اهتماماً بالوجود العربي وقضاياه المصيرية.

كتاب-مطبوع-العربية-واشكالية-التعريب-في-العالم-العربي-الكتاب-المطبوع-في-المركز-2021-1

المنشورات ذات الصلة

التربية الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: مكاشفات نقدية معاصرة

التربية والتنمية المستدامة : تحديات الوجود والمصير

ثقافة التعصب عند النخب: دراسة في اتجاهات الشباب

13 تعليقات

هاجر لافي العازمي 6 فبراير، 2021 - 10:08 م
قضيه اللغه العربيه قضيه هويه ووجود بالفعل ويجب علينا الاهتمام باللغه العربيه وعدم اهمالها او تناسيها فهي لغه القران ولغتنا الام واتمنى ان نهتم باللغه العربيه واشكر الدكتور على هذا الطرح الجميل والشرح الوافي
ساره سعودالعنزي 29 أبريل، 2021 - 11:06 ص
بارك الله فيك يا دكتور ، اللغه العربيه هي لغه القرآن الكريم ولغه الضاد ، في نظري بأن اللغه العربيه لوحدها حضاره وثقافه ، فالبعض قام بتجرد من لغته العربيه ، بالجوء الى لغات الاخرى والاجنبيه كنوع من التطور ، فهي اثبات الهويه والوجود والانتماء ، في زمن الدول الاستعماريه اذا كان المستعمر يريد ان يهدم ويزيل الوطن والشعب يبدأ باللغه اولاً ويجعل الشعب يتكلم بلغة المستعمر لازالة الوطن والشعب وهويته وووجوده وانتمائه لهذه اللغه ، فاللغه العربيه هي اللعه التي تستحق ان نفتخر بأننا من متحدثيها
ساره فهد الداهوم العازمي 22 يونيو، 2021 - 2:47 ص
اشكر الدكتور على طرح هذا المقال الشيق والمهم ,, بالبداية انه يجب على كل عربي ومسلم التمسك بهذه اللغة لأهم سبب وهو فهم والتمعن في القران الكريم ثم نجد ان اللغة السائدة في هذا العالم هي اللغة العربية لأنها لغة اكثر البلدان ويجب ان تكون هي اللغة الأم قبل أي لغة أخرى ولذلك من المهم عدم تغيير جذورنا وانتزاع اللغة لأنها بمثابة انتزاع الهوية والماضي والحاضر والمستقبل ان اردنا
آمنة اخميس المري 26 يونيو، 2021 - 7:44 م
قضيه اللغه العربيه قضيه هويه ووجود بالفعل ويجب علينا الاهتمام باللغه العربيه وعدم اهمالها او تناسيها فهي لغه القران ولغتنا الام واتمنى ان نهتم باللغه العربيه واشكر الدكتور على هذا الطرح الجميل والشرح الوافي
مراحب سعد عبدالله 27 يونيو، 2021 - 10:25 ص
تتجلى عظمة اللغة العربية وسموها ورفعتها أنها في المقام الأول اللغة الوحيدة التي اجتباها وخصها وشرفها ربُّ العزة والجلال بأن تكون لغة القرآن الكريم، وذلك يتبدى في آيات كريمة، وردت في عدد من السور، منها قوله تبارك وتعالى: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (فصلت: 3)، وقوله عز من قائل: {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} (طه:113)، وقوله عز وجل: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (يوسف:2)، وقوله أصدق القائلين: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِين * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (الشعراء: الآيات 193- 195).
ساره لافي زايد العازمي 3 أغسطس، 2021 - 12:55 ص
التحديات التي تتعرض لها اللغة العربية من خلال الثقة بأن اللغة العربية الفصيحة قادرة على مواكبة العصر التقني ودعا إلى تنقية العامية من الشوائب والعمل على تضييق الشقة بينها وبين الفصيحة. ومن القضايا المهمة التي عالجها الكتاب اللغة العربية وأبرز المشكلات التي تواجه الكاتب وقدرة اللغة العربية على استيعاب العلم وتأصيله والترجمة والتعريب وإشكالات المعاصرة وقضية لغة الحوار في الأدب وما هي أشكاله وقضية اللغة العربية والوعي القومي وغيرها.
أسماء احمد العازمي 20 أغسطس، 2021 - 7:34 م
اشكرك دكتوري الفاضل على طرح هذا الموضوع الممتع ، ان اللغه العربيه من اصعب وأندر اللغات بالعالم ، فتتجلى عظمة اللغة العربية وسموها ورفعتها أنها في المقام الأول اللغة الوحيدة التي اجتباها وخصها وشرفها ربُّ العزة والجلال بأن تكون لغة القرآن الكريم ؟؟ ولقد تمكنت اللغة العربية منذ الأزل من أخذ مكانتها اللائقة بين اللغات العالمية الحية لمكانتها السامية التي أحرزتها وتبوأتها عبر تاريخها الطويل في مجالات العلوم الدينية والشرعية، فضلاً عمّا وصلت إليه في ميادين الشعر والأدب والتاريخ والجغرافيا والرياضيات والفلك والطب والكيمياء والصيدلة ، كما أفادت اللغة العربية من الترجمة والتعريب مما زادها توسعًا وانتشارًا وعالمية وثراءً ، إذ إن اللغة العربية لغة مرنة وسلسة وطيعة، تقبل الألفاظ الأجنبية والمصطلحات التقنية ، وذلك لسهولة النحت فيها، والتصريف والاشتقاق والقياس ، فمن واجبنا التمسك بها ودراستها وحبها ، وتعليم اطفالنا اطفال المستقبل بها ، وتعليمها بالمدراس بشكل صحيح .
امنه ماجد الطريبيل 22 أغسطس، 2021 - 11:44 م
اشكر الدكتور على طرح هذا المقال الشيق والمهم، قضيه اللغه العربيه قضيه هويه ووجود بالفعل ويجب علينا الاهتمام باللغه العربيه وعدم اهمالها او تناسيها فهي لغه القران ولغتنا الام واتمنى ان نهتم باللغه العربيه واشكر الدكتور على هذا الطرح الجميل والشرح الوافي، ومن القضايا المهمة التي عالجها الكتاب اللغة العربية وأبرز المشكلات التي تواجه الكاتب وقدرة اللغة العربية على استيعاب العلم وتأصيله والترجمة والتعريب وإشكالات المعاصرة وقضية لغة الحوار في الأدب وما هي أشكاله وقضية اللغة العربية والوعي القومي وغيرها.
اسماء شبيب العازمي 25 أغسطس، 2021 - 4:53 م
اللغه هي الوجود الانساني في خالص جوهره واسمى معانيه، وهي ليست ملمحا عابرا من اعراض الوجود الوجود الانساني ، فقضيه اللغه هي قضية هويه ، ويجب علينا الاهتمام باللغه العربيه فهي لغه القران الكريم ولابد لنا ان نفتخر بأننا من متحدثيها ، وقد تمكنت لغتنا العربيه منذ الازل من اخذ مكانتها بين اللغات العالميه لمكانتها السامية .
فاطمة عبدالله الرشيدي 26 أغسطس، 2021 - 5:19 م
اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم وتعتبر من أكثر اللغات فصاحة وهي جزء كبير من الحضارة العربية والإسلامية ومازالت تحتفظ حتى وقتنا الحالي بمصطلحاتها وتاريخها وبلاغتها ونحوها كما أنها تعتبر واحدة من أكثر اللغات الرسمية إنتشارا حول العالم وذلك بسبب إنتشار الإسلام في العالم بأكمله لذلك كون الأوروبيون فكرة عنها وسعوا بكل جهدهم لتعلمها ، وكانت اللغة العربية أيضا سببا رئيسيا في نهضة الحضارة الأوروبية . تمتاز العربية بانّ لكلّ حرف من حروفها صوت خاص به، فلا نجد حرفًا له صوتان، أو أن نجد حرفين يجتمعان لتشكيل صوت واحد، ويبلغ عدد أصوات اللغة العربية عند القدماء 31 صوتًا، منها الحروف الـ28، بالإضافة للحركات الثلاث، ومن المصادفة أن يبلغ المَدرَج اللغوي للغة العربية 31 سم، بمعنى الممر الذي تمر به الحروف من الجوف إلى الشفاه، فبذلك كان المدرج الصوتي العربي أطول مدرج عرفته الإنسانيّة،
خلود حامد شبيب 27 أغسطس، 2021 - 9:26 م
يعطيك العافيه دكتور على هذا المقال اللغه العربيه هي لغه القرآن الكريم ولغتنا الام وتعتبر من اصعب اللغات فيجب علينا الاهتمام بها واحترامها وتقديرها والاعتزاز بها ,ولقد تمكنت اللغة العربية منذ الأزل من أخذ مكانتها اللائقة بين اللغات العالمية الحية لمكانتها السامية التي أحرزتها وتبوأتها عبر تاريخها الطويل في مجالات العلوم الدينية والشرعية ,كما أفادت اللغة العربية من الترجمة والتعريب مما زادها توسعًا وانتشارًا وعالمية ,و أن الحضارة لا تكون من غير لغة تعبر عن روح الأمة ووجدانها ,فقضية اللغة هي قضية هوية ووجود وحضارة بكل ما تحمله هذه الكلمات من تدفق المعاني وفيض الدلالات واشكرك دكتورنا على هذا المقال المفيد
ريم صالح العازمي 27 أغسطس، 2021 - 10:12 م
جزاك الله خير دكتور على المقاله الجميله .. تأخذ أوضاع اللغة العربية المعاصرة صورة إشكالية حضارية مترامية الأبعاد ضاربة الجذور في مختلف التكوينات الوجودية للحياة العربية المعاصرة، وفي تضاريس هذه الصورة الإشكالية تتجلى هذه اللغة بوصفها أرومة الإشكاليات التي تتعلق بالهوية والنهضة والتنمية والحضارة والوجود الإنساني. فاللغة ليست ملمحاً عابراً من أعراض الوجود الإنساني،اللغه العربيه هي لغه القرآن الكريم ولغه الضاد ، و اللغه العربيه لوحدها حضاره وثقافه فالكثير قام بتجرد من لغته العربيه ، بالجوء الى لغات الاخرى والاجنبيه كنوع من التطور ، فهي اثبات الهويه والوجود والانتماء ، ويجب ان تكون هي اللغة الأم قبل أي لغة أخرى ولذلك من المهم عدم تغيير جذورنا وانتزاع اللغة لأنها بمثابة انتزاع الهوية والماضي والحاضر والمستقبل ان اردنا.. اشكرك دكتور على المقاله الرائعة ..
حور فيصل الهاجري 10 سبتمبر، 2021 - 4:11 ص
تتجلى عظمة اللغة العربية وسموها ورفعتها أنها في المقام الأول اللغة الوحيدة التي اجتباها وخصها وشرفها ربُّ العزة والجلال بأن تكون لغة القرآن الكريم، وذلك يتبدى في آيات كريمة، وردت في عدد من السور، منها قوله تبارك وتعالى: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (فصلت: 3)، وقوله عز من قائل: {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} (طه:113)، وقوله عز وجل: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (يوسف:2)، وقوله أصدق القائلين: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِين * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}
اضافة تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قراءة المزيد